Download Home / About / Services / Sitemap / Contact
Leave a Comment
المراهقة مرحلة من مراحل الحياة تتميز بسرعة النمو والتغير في كل المظاهر النمائية تقريبا: الجسدية والمعرفية والانفعالية/ الاجتماعية، وحسب تقدير معظم الباحثين فإن هذه الفترة تغطي السنوات الممتدة بين سن 10 و 20 سنة من العمر، حيث ينتقل الفرد خلالها من عدم نضج الطفولة إلى نضج الرشد، وبالتالي فهي بمثابة الجسر الواصل بين هاتين المرحلتين.
يؤكد التعريف التقليدي للمراهقة عادة على النمو الجسدي كالطول والوزن وملامح الجسد الأخرى، فكثرة الأحداث البيولوجية التي تحصل في بداية هذه المرحلة، تؤدي إلى جذب الانتباه اليها، وكأنها الأكثر أهمية وسيطرة، إلا أن هناك وعيا متزايدا الآن يؤكد على أن الخصائص السلوكية للمراهق لا تنجم ببساطة عن التغيرات الجسدية بحد ذاتها، وإنما عن عدد من العوامل السيكولوجية والاجتماعية، فالظروف البيئية التي تحيط بالمراهق وينمو في أطرها توجه نموه وتؤثر فيه.
فعلى الرغم من أن التغيرات الرئيسة للمراهقة عامة لدى الجميع، إلا أن النتائج تأتي على  قدر من التباين، وذلك لأن الآثار السيكولوجية للتغيرات البيولوجية والمعرفية والاجتماعية لمرحلة المراهقة تتشكل من خلال البيئة التي تحدث فيها هذه التغيرات، مما يجعل هذه المرحلة بالنسبة للآباء والمراهقين فترة من الإثارة والقلق والسعادة والمشاكل والاكتشاف والارتباك، مما يقتضي ضرورة اكتساب المعرفة والإلمام بالحقائق العلمية والممارسات التربوية ذات الصلة، بدلا من الارتجال أو اللجؤ إلى أسلوب المحاولة والخطأ في عملية التنشئة الاجتماعية للمراهقين، وذلك نظراً للحساسية التي تتسم بها هذه المرحلة، ولأهميتها في إرساء ملامح النمو السوي لمراحل الرشد اللاحقة.
يساعد هذا الكتاب الوالدين والمعلمين، ومن يتعامل مع المراهقين في المجالات والمواقف المختلفة، على معرفة وفهم الأسس العلمية التي تستند اليها التغيرات النمائية التي تحدث لدى المراهقين، والسياقات الاجتماعية المناسبة التي تثري عملية النمو لديهم- مثل الأسرة والرفاق والمدرسة- لما لها من  أهمية كبيرة في فهم طبيعة النمو خلال هذه الفترة الهامة من حياتهم. فالمعرفة والمهارات التي يتم  اكتسابها في هذا الشأن، لا بد من أن توظف بطرق تؤدي إلى تعزيز النمو الصحي والإيجابي عند المراهقين، وفي مساعدتهم على التكيف مع  التحديات المتعددة لهذه المرحلة، حتى يتمكنوا من عبور الجسر الممتد بين الطفولة والرشد، بما يؤهلهم لتحمل مسؤوليات الكبار في مجتمعاتهم.
وتجدر الإشارة في هذا الموقع، إلى أن الفرد أيا كان، يدخل مرحلة المراهقة حاملا معه مخططه الوراثي وخبرات طفولته، اللذين يرسمان معا مسار النمو في هذه الفترة من الحياة، ولذلك فإن الاهتمام بمعرفة الحقائق العلمية الخاصة بنمو الأبناء وتربيتهم، يجب أن يبدأ منذ مرحلة مبكرة من حياة الأطفال لضمان سلامة نموهم، ولتجنب المشاكل ذات التأثير طويل المدى،  أو المحن النفسية الحادة، بقدر الإمكان، حتى يتسنى لهم دخول مرحلة المراهقة غير مثقلين بالأعباء النفسية، التي قد تزيد من تعقيد الأمورلديهم، عندما يواجهون المطالب النمائية الجديدة التي عليهم اكتسابها والتمكن منها في سنوات المراهقة.
يتألف هذا الكتاب من عشرة فصول رئيسة تعالج: الخلفيات النظرية لنمو المراهق، والمظاهر النمائية المختلفة، والسياقات الاجتماعية للنمو، والمشاكل أو الاضطرابات التي قد تظهر خلال هذه المرحلة، بالإضافة إلى وجود بعض المواقف التطبيقية العملية – بين ثنايا الكتاب –التي تسهم في كيفية التعامل مع  المراهقين ودعم نموهم. ومن المتوقع أن تكون هذه الفصول العشرة، قد أرست صورة متكاملة- نوعا ما- لنمو المراهق، وللعلاقات المتبادلة التأثير سواء على صعيد التداخل بين المظاهر النمائية، أو التفاعل بين السياقات الاجتماعية من جهة، وفي مجال التأثيرات المتبادلة بين المظاهر النمائية والسياقات الاجتماعية - منفردة أو مجتمعة حسب الحالة أو الموقف- من جهة أخرى.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire